منوعات

في ذكرى مولدِ النبيِ المختار وسيدِ الأبرار

كتب_عصام التيجي
مقتطفات من الوحيِ القرآني ومقتبسات في حبِ النبي .
وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ
وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَسَناءُ
الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ
لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ
وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي
وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ .
أضاءت الدنيا بأسرِها ، وعمت السعادةُ في كلِ الأرجاء ، بمولدِ سيدِ الأبرار خاتم الأنبياء والمرسلين ” محمد المبعوث رحمةً للعالمين ” .
فاحتفت الملائكةُ بقدومِه ، وتزينت السماءُ وازدادت جمالاً بإشراقة نورِه ، وفاحت الأرضُ مسكاً وعطراً بشرفِ ميلادِه .
فيا رسول اللهِ يا نوراً تجلّى بك الخلق على اللهِ استدلى ، لقد أحرزت في الجوزاءِ ظلًا ونورًا منك في العرشِ استقلَّ .
يا مولداً قد حوى عزاً وإقبالاً ، بطلعتِه يبلغ المشتاقٌ آمالًا .
محمد “ص” .. النبيُ الخاتم والرحمةُ المهداة .
أرسل اللهُ جميعَ الأنبياءِ والرسل للدعوةِ إلى عبادةِ الله وحده وإخراجِ الناسِ من الظلماتِ إلى النور فأولهم نوح عليه السلام وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال تعالى :
” وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ “
سورة النحل الآية 36 .
ويقول اللهُ لرسولِه الكريم صلى الله عليه وسلم
” وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا “
سورة سبأ الآية 28 .
وما كانت هذه الرسالةُ العامة لأحدٍ من الرسل من قبله ، فموسى عليه السلام أُرسل لبني إسرائيلَ خاصةً ، واقتصرت دعوته عليهم . فعندما ذهب هو وأخوه هارون عليهما السلام إلى فرعون قالا له :
” إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ “
سورة طه الآية 47.
فموسى عليه السلام ذهب إلى فرعون ليرسل معه بني إسرائيل ، ولم يكافح الشعوب أو الأمم في سبيل دعوته .
وعيسى عليه السلام إنما أرسل إلى ” خراف بني إسرائيل الضالة ” على حد تعبِيرهم القديم ولم يحاول سيدنا عيسى أن يبشر بدعوته خارج فلسطين .
اختلف بنو إسرائيل وحرفوا وبدلوا في عقيدتِهم وشريعتِهم فانطمس الحقُ وظهر الباطلُ وانتشر الظلمُ والفسادُ واحتاجت الأمةُ إلى دينِ يحق الحق ويمحق الباطل ويهدي الناسَ إلى الصراطِ المستقيم .
فبعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه تعالى :
” وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِى ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ ۙ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍۢ يُؤْمِنُونَ “
سورة النحل الآية 64 .
فقد أرسل الله تعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناسِ جميعاً من حيث المكان والزمان فهو الرسول الدائم زماناً ومكاناً .
” قُلْ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا “
سورة الأعراف جزء من الآية ١٥٨
وقد تكفلَ اللهُ تعالى بحفظِ الكتابِ الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم وتحقيقاً لقوله تعالى :
” إِنَّا نَحْنُ نـزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ “
سورة الحجر الآية 9
ومن أجلِ هذا الوعد بحفظِ الوحي كاملاً غير منقوص صحيحاً غير مزيف ، كانت الحكمةُ الإلهيةُ في أن الإنسانية لا تحتاج إلى رسولٍ بعد الرسول ، ولا إلى نبيٍ بعد النبي ، إنه صلوات الله وسلامه عليه خاتم الرسلِ والأنبياء.
ولقد امتزج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم برسالتِه الخالدة ، فكان هو وهي شرحاً وتفصيلاً وكانت هي بياناً لمعدنِه وجوهرِه، وخلافةٍ له من بعده .
في وصفِ الهادي الأمين
كان النبيُ صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلقاً وأكرمهم وأتقاهم ، وقال رب العزة فى وصفِ خُلق نبيِه الكريم صلى الله عليه وسلم :
” وَإِنّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ “
سورة القلم الآية ٤
وقالت السيدة عائشة لما سئلت رضي الله عنها عن خلق النبى :
” كان خُلقُهُ القُرآنَ ، يَرضى لرِضاهُ ، ويَسخَطُ لسَخَطِهِ ” .
لترشدنا أن أخلاقَه عليه الصلاة والسلام هي اتباعُ القرآن والاستقامة على ما فيه .
ويقول الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله في “إحياء علوم الدين “
بيان جملة من محاسنِ أخلاقِه التي جمعها بعض العلماء والتقطها من الأخبارِ فقال :
كان الرسولُ الكريم أحلم الناس ، وأشجع الناس ، وأعدل الناس ، وأعف الناس ، لم تمسَّ يده قط يد امرأة لا يملك رقها أو عصمة نكاحها أو تكون ذات محرم منه ، وكان أسخى الناس ، لا يبيت عنده دينار ولا درهم ، وإن تبقى شيء ولم يجد من يعطيه وفَجَأَهُ الليلُ لم يأو إلى منزله حتى يتبرَّأَ منه إلى من يحتاج إليه ، وكان أشد الناس حياءً ، لا يثبت بصره في وجهِ أحد ، ويجيب دعوةَ العبدِ والحر ، ويقبل الهديةَ ولو أنها جرعة لبن ويكافئ عليها ، ولا يأكل الصدقةَ ، ولا يستكبر عن إجابةِ الأمة والمسكين ، يغضب لربهِ ولا يغضب لنفسِه ، وينفذ الحق وإن عاد ذلك عليه بالضررِ أو على أصحابهِ ، وكان يعصب الحجرَ على بطنهِ من الجوعِ ، ولا يتورع عن مطعمٍ حلال ، لا يأكل متكئا ولا على خِوان ، لم يشبع من خبزٍ ثلاثةَ أيامٍ متوالية حتى لقي الله تعالى ، إيثاراً على نفسهِ لا فقرا ولا بخلا ، يجيب الوليمة ، ويعود المرضى ، ويشهد الجنائزَ ، ويمشي وحده بين أعدائهِ بلا حارس ، أشد الناس تواضعاً ، وأسكنهم في غير كبر ، وأبلغهم من غير تطويل ، وأحسنهم بِشْراً ، لا يهوله شيء من أمور الدنيا ، ويلبس ما وجد ، يردف خلفه عبده أو غيره ، يركب ما أمكنه ، مرة فرساً ، ومرة بعيراً ، ومرة بغلةً ، ومرة حماراً ، يعود المرضى في أقصى المدينة ، يحب الطيبَ ، ويكره الرائحةَ الرديئة ، يجالسٌ الفقراءَ ، ويؤاكل المساكين ، ويكرم أهل الفضلِ في أخلاقهم ، ويتألف أهل الشرف بالبر لهم ، يصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على من هو أفضل منهم ، لا يجفو على أحدٍ ، يقبل معذرةَ من اعتذر إليه ، يمزحُ ولا يقول إلا حقاً ، يضحك من غير قهقهةٍ ، يرى اللعب المباح فلا ينكره ، يسابق أهله ، وترفع الأصوات عليه فيصبر ، وكان له عبيد وإماء لا يرتفع عليهم في مأكلٍ ولا ملبسٍ ، ولا يمضي له وقت في غير عمل لله تعالى أو فيما لا بد منه من صلاحِ نفسه ، لا يحتقرُ مسكيناً لفقرهِ وزمانتهِ أي المرض المزمن ، ولا يهابُ ملكاً لملكه ، يدعو هذا وذاك إلى اللهِ دعاءً مستوياً .
بدع الزمانِ في الاحتفالِ بمولدِ سيدِ الأزمان .
زينة وأضواء ، حلوى ومأكولات شعبية ، وأمسيات دينية وجلسات مدح وحلقات ذكر ، أعلام ومواكب شموع .
كلها أشكال من مظاهرِ الاحتفالِ بمولدِ خيرِ البرية ، خاتم الأنبياء والرسل ” محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه” اتخذتها الكثير من المدن والقرى العربية من المشرقِ إلى المغربِ كلٍ على حسبِ طريقتِها وعاداتِها وتقاليِدها .
وتؤكد بعض المرجعيات أن الاحتفالَ بالمولدِ النبوي الشريف لم يكن أمراً شائعاً في سنواتِ الإسلام الأولى ، ولم يتحول إلى تقليدٍ إلا في القرن الرابع الهجري ، غير أن الرسولَ الكريم كان يصوم يوم الاثنين والخميس من كل أسبوع وعندما سئل عليه الصلاة والسلام عن سبب صيامه الاثنين أجاب بأنه ذلك يوم ولدت فيه ، فكان الرسولُ الكريم أولَ من احتفى بمولده .
وفي مصر تنسب بدايةُ الاحتفالِ بذكرى ميلاد النبي إلى الخليفةِ الفاطمي ” المعز لدين الله ” بعد دخوله إلى مصر عام 969 للميلاد ، حيث رأى أن الاحتفال بمولد الرسول وعددِ من أهلِ بيتِه وسيلةً للتقربِ من المصريين عبر مناسباتٍ عامة يطغي عليها السرور .
ومع تغيرِ الحكمِ وتعاقبِ الخلافاتِ الإسلاميةِ كان الاحتفالُ بالمولد يخفت ثم يعود تبعاً لأولويات السلطة ، فمنعه الأيوبيون ، ثم سمح به المماليك ، حتي تحول إلى تقليد صوفي في عهد محمد على باشا ، حيث تعد الطرق الصوفية أكثر المذاهب الإسلامية اهتماماً بإحياء المولد النبوي وموالد الأولياء الصالحين عموماً ، وهذه الاحتفالات من التقاليد الراسخة في مصر حيث المد العريض للتيارات الصوفية ، مع تنوع أساليب التعبير بين إنشاد ديني وحلقات ذكر ومواكب .
لكن يبقي الخلاف بين فقهاء الدين والمتشددين حول وصفِ الاحتفالِ بالمولدِ النبوي الشريف بأنه بدعة أم لا مستمراً . رغم حسم هذا الموضوع من قبل الكثير من المؤسسات الدينية في مصر وبعض الدول العربية حيث قالت دارُ الإفتاءِ المصريةِ إن الاحتفالَ بالمولدِ النبوي الشريف شاهدٌ على الحبِ والتعظيم لجنابِ سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم والفرح به وشكر لله تعالى على هذه النعمة ، وهو أمرٌ مستحب مشروع ، ودرج عليه المسلمون عبر العصور ، واتفق علماء الأمة على استحسانه ، فالمراد من الاحتفال أن يقصد به تجمع الناس على الذكر والإنشاد في مدحه والثناء عليه وإطعام الطعام صدقة لله ، والصيام والقيام إعلاناً لمحبة رسول الله وإعلاناً للفرح بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الدنيا .
كما يأخذ الأزهرُ الشريف موقفاً إيجابياً من الاحتفالِ بالمولد النبوي الشريف وذلك في عدة فتاوى صدرت على مر السنين حيث يري العلماء أن الاحتفالَ يعدُ من مظاهرِ تعظيمِ الرسول وإظهار محبته .
ولد المحمودُ رحمةً للعالمين ، هادياً وبشيراً ونذيراً لخيرِ خلقِ اللهِ أجمعين .
مبارك علينا مولدك ، ففي الدنيا نعيشُ محَبَتك ، وعند الصراطِ تستقبلنا بشفاعتِك ، وفي الجنةِ تحشرنا في زمرتِك .
فسحقاً لمن يتطاول على النبيِ العدنان ، فالمصيرُ معلوم ، والقرارُ محتموم . فالنارُ ميعاده والجحيم قراره .
ولكم في مصير رسام الكاريكاتير السويدي لارش فيلكس صاحب الرسوم المسيئة للرسول الكريم “الموت حرقاً في سيارته ” عبرةً يا أولو الألباب .
فصلوا على سيد الخلق أجمعين وسلموا تسليماً كثيراً .
ففي الصلاةِ عليه تفز بعشرِ كراماتٍ :
إحداهن صلاة الملك الجبار .
والثانية شفاعة النبي المختار .
والثالثة الاقتداء بالملائكة الأبرار .
والرابعة مخالفة المنافقين والكفار .
والخامسة محو الخطايا والأوزار .
والسادسة قضاء الحوائج والأوطار .
والسابعة تنوير الظواهر والأسرار .
والثامنة النجاة من عذاب دار البوار .
والتاسعة دخول دار الراحة والقرار .
والعاشرة سلام الملك الغفار .
صلوات الله وسلامه على الهادي الأمين ، المبعوث رحمة للعالمين ، سيد الكونين والثقلين .
طب القلوب ودوائها التام ، وعافية الأبدان وشفائها من الأسقام ، ونور الأبصار وضيائها العام .
حبيبي وشفيعي إلى يوم الدين سيدنا محمد أشرف خلق الله أجمعين .
وكل عام حضراتكم بخير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
مرحباً بكم في بوابة المشهد نيوز هل ترغب في تلقي إشعارات بأحدث المباريات و الأخبار وأسعار العملة بشكل فوري لا نعم